من المفترض ان اكون احسن حالا من ذى قبل , اجازة نصف العام غالبا ما اقضيها فى راحة سلبية , بعد طحنة الشغل الغير طبيعية وحالة الاستنزاف اللادامية التى يعاني منها امثالى فى اماكن عملهم . ولذلك فأنا فى هذه الاجازة اما اقرأ كتاب ما واما اتنقل بين القنوات الفضائية كفراشة حائرة نادرا ما تستقر على زهرة ما لانه باختصار لا يوجد زهور طبيعية , كله بلا ستك , فشنك , لا طعم ولا لون ولا رائحة ولا منظر حتى .
قنوات اما تغذى الهبل لدى الناس والرعونة والخنوع والاستسلام وكل قيمة استهلاكية ممكن ان تتفطق بها قريحة البشر . وقنوات تسييس مكشوفة لقلة ومخفية للمعظم من المشاهدين الغلابة - اسف لاستخدام اللفظ - وغالبا هذه القنوات فى محاولة منها لاصباغ برامجها طابع الحرية والديمقراطية والصراحة التى تبلغ حد الوقاحة , اقول غالبا ما تلجأ الى بلطجى من النوع الجعجيع. وكلمة جعجيع من الفعل جعجع - يجعجع فهو جعجيع . الكلمة تحمل صيغة مبالغة وتعنى بالعامية المصرية ذو الصوت الجهورى عمال على بطال .
وطبعا بلطجية هذه القنوات ليسو فى حاجة الى الات الحرب كما يحتاجها بلطجية الشوارع من سنج ومطاوى وشوم وباقى العدة لزوم الشغل . كل ما يحتاجه بلطجية الاعلام وبرامج التوك شو- التى تأخذ شكل هلامى غير معروف فى مصر فقط دونا عن اى بلد من بلاد المعمورة - هو/ هبل + صوت جعجيع + سطحية مفرطة + قباحة فى التحدث ووقاحة يعنى باختصار تكون قليل الادب + جسم موحى بمصارعة المحترفين عشان يخض الزبون والمشاهد = اعلامى ومذيع ومقدم برامج توك شو ليس كمثله احد .
وخير مثال على ما اقول هو وحيد عصره وفلتة زمانه وننوس عين امه ,المذيع الذى لم تولده ولاده ,صاحب الحجة القاصمة والرأى السديد والثقافة الموسوعية وحضور الذهن المتقدح والحكمة المعجزة
معتز بيك الدمرداش
و(معتزالدمرداش )هومذيع بدأ حياته العملية فى التلفزيون المصرى فى برنامج انباء واراء منذ ما يزيد عن 18 عشرة عاما , مجرد مذيع اخبار , كل عمله هو ان يلقى علينا ما تم كتابته من نشرة اخبارية امامه فى الورقة , لا اكثر ولا اقل . وهو ابن الفنانة كريمة مختار والمخرج المعروف والر احل نور الدمرداش . وبأختصار شديد وكى لا اشعر القارىء بأننى اكتب السيرة الذاتية لميلر جانيس او اوبرا وينفرى اقول انه بعد تركه العمل فى التلفزيون المصرى كملقى للاخبار عمل فى قنوات فضائية عربية لم تكن معروفة بالنسبة للمشاهد المصرى فى ذلك الوقت وهى mbc / dubai وايضا لم تكن له اى بصمة تشعرك بشيىء من التميز الى ان ظهور(معتز الدمرداش)كأحد مقدمى برامج التوك شو الشهيرة وهو 90 دقيقة على قناة المحور لصاحبها الخليط الغريب مدعىالتدين والمصداقية رجل الاعمال(حسن راتب)كان له اثر كبير فى معرفة الناس به عن طريق مواضيع حياتية مست الناس وقضايا مثيرة لعل اشهرها وسبب معرفة الناس ببرنامج هو تركيز البرنامج على فضيحة المذيعة هالة سرحان فى روتانا بعد فضح اتفاقها مع بنات مصريات ادعين انهن فتيات ليل فى البرنامج بعد اخدهم للمعلوم . وكانت فضيحة بجلاجل وكانت فرصة لمعتز وبرنامج 90 دقيقة فى ذلك الوقت ان يصول ويجول فى وقت تناولت فيه اعلامية مثل ( منى الشاذلى ) الموضوع برقى اعلامى شديد جعل الكثيرون يقارنون بين موقف البرنامجين وطرق تعاطيهما مع الخبر .
والاخ معتز واضح جدا انه اديبى الهوى , اى من المعجبين بطريقة واسلوب (عمرواديب )فىالحوار والجعجعة , ويبدو ان معتز قبل ان يظهر فى قناة المحور بتحفته اليتيمة 90 دقيقة كان مدمنا على مشاهدة عمرو اديب فى برنامج ( القاهرة اليوم ) وقبل ان يغضب القارىء فانا اتحدث عن اسلوب مقدم البرنامج وليس البرنامج ككل . وصار نموذج عمرو اديب فى البجاحة والجعجعة والحوار الغير رصين هو النموذج الاعلى للبلطجى الاعلامى معتز الدمرداش . وبما ان موضوعنا مركز على معجزة زمانه معتز بيك الدمرداش فالافضل عدم ذكر المعجزة الاخرى والمثل الاعلى عمرو اديب . ولنرى سويا كيف يبلطج معتز بيك على ضيوفه بل وعلى مشاهديه .
ان اردت ان تعلم ان مذيع ما او مقدم برنامج من برامج التوك شو ناجح ام لا , احسب عدد الكلمات التى تخرج من فم المذيع وقارن هذا العدد بكلمات بقولها الضيف . بمعنى انه قلما قلت مساحة حديث المقدم - بلاش مقدم دى لحسن بيجو على السيرة - او المذيع وزادت مساحة حديث الضيف او الضيوف كلما كان المذيع ناجحا . وهو بالقطع ما نراه فى برامج التوك شو فى امريكا وما اكثرها فترى الضيف يتحدث بأريحية شديدة غير مضطر ان يقفز لسانه فوق الكلمات والافكار بسرعة الصاروخ خوفا من مقاطعة الاخ مقدم البرنامج . وطبعا فلته عصره معتز بيك الدمرداش لا يقرب هذا الامر من بعيد او من قريب . وكثيرا جدا ما تجده يقاطع الضيف بكل جليطة وقلة ذوق دون ان ينقل الضيف وجهة نظره للمشاهد , ولخبط الضيف دماغه ودماغ اللى يتشدد له لو لم يعجبه الامر .
ويلتقط المذيع الهمام طرف الحديث المبتور عن قصد وتعمد لينقله الى الاخر فى محاولة قاسمية - نسبة الى فيصل القاسم مقدم مهزلة الاتجاه المعاكس على الجزيزة - لنشب فتيل الحرب بين هذا وذاك . وهكذا لا تخرج من الحوار بتاع البيك معتز الدمرداش بأية وجهة نظر كاملة لانه ببساطة لا بد ان يكون اكثر المتحدثين وكأنه طرفا فى الحوار وهو النقطة التالية فى نقدى للاخ .
ان اردت ان تعلم ان مذبع ما او مقدم برنامج من برامج التوك شو ناجح ام لا , اسـأل نفسك السؤال التالى : ما وجهة نظر مقدم البرنامج ؟ لو استطعت ان تحدد وجهة نظر المذيع فأعلم ان المذيع فاشل وعاوز كنسه من دماغك و تأكد ان المذيع فى هذه الحالة عمره الافتراضى قد اوشك على الانتهاء اعلاميا . من اسس التحاور التلفزيونى وهى ملاحظة مشاهد بسيط مثلى وليس محترف اعلام , هو الا ينحاز المذيع لوجة نظر احد الطرفين او حتى وجهة نظر الشعب وان يعتبر نفسه طرفا منزها فى الحوار القائم . وهذا ايضا ما اجده وبصورة مبالغ فيها فى الاخ معتز الدمرداش .فلا بد من حين واخر ان يشير الاخ الى رؤيته فى الامر الفلانى او العلانى واذا ما قال البيك وجهة نظره والتى غالبا تعرض بصورة اعلامية وكأن الحكمة تخرج من فم البيك , و ان على الجميع من ضيوف ومشاهدين وطوب الارض ان يقتنعو بوجهة مظر الننوس , كده وبدون مواربة . وكأن معتز بيك قد حمل اختام الحكمة والرأى العام المصرى جيبه ووجب على الجميع الاقتناع . وبهذا يخرج الحوار بعيدا كل البعد عن الموضوعية والانصاف .
ان اردت ان تعلم ان هذا المذيع ناجح ام لا , انظر الى اعداد الحلقة واعداد المذيع نفسه للمواضيع المطروحة فى الحلقة ولا اقصد هنا الاعداد المعلوماتى لموضوع ما ولكن اقصد الاعداد بشكل عام شامل , فنيا وفكريا ومن جافة الزوايا , ولذلك برامج التوك شو فى كل بلدان المعمورة للاسف تعتبر من اكثر البرامج اجهادا للمذيع فى يستلزم اعداد فكرى دقيق لكل موضوع سيطرح فى الحلقة من قبل فريق اعداد محترف ومقدم واعى وعلى درجة من الثقافة يتيح له باثارة مثل هذه الموضوعات . مثلا لا يتصور ان يتناول مقدم نشرة اخبار , على سبيل المثال , موضوع مثل الحرية الادبية والسينمائية فى فترة بعد ال 2000 من دون ان يكون هو نفسه قد اعد الموضوع بشكل شامل ومن زوايا مختلفة تشعر المشاهد بعمق البرنامج وليس سطحيته . وفى حالة الزبون - معتز بيك الدمرداش - لا تشعر بأى اعداد لمواضيع الحلقة بأستثناء الاعداد المعلوماتى وما اسهله عن الموضوع الفلانى او العلانى . ولذلك يتحفك البيك فى كثير من الاحيان بتعليقات غريبة على الضيف توحى لنا ولأى واحد بيحاول يفهم ان لا يعلم شيىء عن شيىء . وان البيك بلغ من السطحية مبلغها وقمتها . وكثيرا تجده فاهر فاه ببلاهته المعهودة بعد ان يخبطه الضيف بمعلومة او رأى هو من البديهيات ولكنه لم يصادف عقل البيك من قبل .
ان اردت ان تعلم ان هذا المذيع خفيف الظل ام لا , فأسأل نفسك السؤال الاتى : كم مرة ضحكت على الضيف ؟ لو كانت اجابتك ان تضحك على الضيف فى كل حلقة وان المذيع كل مرة يوجه ضحكاتك الى الضيف وليس الى المذيع نفسه فأعلم ان المذيع دمه يلطش وانه على وشك ان يفقع مرارتك او اى شيىء اخر فى جسمك . وانه لكى تواصل مشاهدة الحلقة وسط تقل دم وخفة مصطنعة عليك ان تأخذ دواء الضغط تحسبا لاى لطشة يلطشهالك الزبون . هذا هو معتز بيك الدمرداش . ويبدو ان البيك تأثر من فترة غيابه خارج مصر ونسى ان الشعب المصرى جبل وفطر على خفة الدم والظرف , ولا اقول هذا الكلام من باب الدعاية المعتادة التى نسمعها كثيرا ولكى تعلم ان خفة الدم المصرى تكاد لا تكون لها مثيل فى المنطقة كلها , اجعل اردنيا يحكى لك نكته مثلا , او اجعل سعوديا يسهر معك على مقهى وادخل معه قافية , لتعلم ان الشعب المصرى يفرق جيدا بين خفيف الدم واللى بيستخف دمه مثل معتز . لا اعلم كيف يقع فى هذا مذيع من المفترض انه مصرى ؟ ان تستخف دمك امام جمهور يقدس النكته يشبه انتحار اعلامى من وجهة نظرى الا ان تكون فعلا خفيف الدم و وبصورة ملموسة . لكن يبدو ان الاخ معتز يواصل عملية الانتحار بشكل مستمر كل ليلة امام الجمهور المصرى وفى كل مرة يتأكد فيها المصريون ان مغتز بيك الدمرداش هو الاكثر سطحية والاقل ثقافة ويعتبر دمه من فصيلة نادرة جدا ,.................................... فصيلة اللطش من اول حلقة
وحيد جهنم