الأربعاء، 23 يونيو 2010

جنينة الاسماك - نظرة خاصة -


تنويه / يفضل مشاهدة الفيلم قبل قراءة التدوينة



فى رائى المتواضع ان الابداع هو تكوين شيىء جديد غير مسبوق من قبل من مكونات اعتيادية معلومة لدى جميع المبدعين .



بمعنى آخر الابداع هو خلق جديد بأدوات قديمة ، وهذا الخلق الجديد هو غير مطروق من قبل وغير متحقق من احد غير مبدع العمل .



وقد يكون العمل الابداعى جديد فى طرائقه او جديد فى تناوله للموضوع الذى يطرحه او حتى جديد فى لونه وطعمه وقوامه لو جاز لنا استخدام هذه الالفاظ لتوصيف العمل الابداعى






ونحن حين نشاهد رائعة المبدع ( يسرى نصر الله ) جنينة الاسماك لا نملك سوى الاقرار بأبداع العمل وابداع المخرج والسيناريست وكل القائمين على هذا العمل السينمائى الذى يندر تكراره خصوصا فى ظل اجواء عبثية تحيط بالسينما وازمة اراها تتعدى الانتاج الى الورق نفسه وما يطرحه هذا الورق من افكار بصورة لا تتناسب مع ما يسمى بالعولمة .






وهذا موضوع تدوينة اليوم ، سنتحدث عن الشكل وسنتحدث عن المضمون وكيف كان هناك مزجا رائعا بين هذين الشقين دون ان يطغى احدهما على الاخر .






الشكل - الاسلوب -






ان ( جنينة الاسماك ) اعتبره علامة فارقة فى السينما المصرية بل فى السينما العربية - اى اننا نستطيع ان نصنف الافلام بأفلام ماقبل ( جنينة الاسماك ) وما بعده،- ذلك لان مخرجه قد استخدم طرائق سينمائية جديدة مستخدما ادوات متاحة لكل المخرجين .






( يسرى نصر الله ) مزج فى استخدام الكاميرا الديجيتال والتى كان اول من استخدمها فى فيلمه ( المدينة) مع الكاميرا السينمائية وعلى حد تعبيره ( يرجع ذلك لضرورة فنية بحتة، فكانت هناك مشاهد تحتاج الى تركيز كبير من الممثليين حتى نصور لقطة واحدة ،وهذا ما اتاحته وجود الكاميرا الديجيتال دون وجود هاجس اهدار الفيلم الخام ، عندما مزجت هذه المشاهد بالمشاهد السينمائية كانت النتيجة مدهشة )



عملية مزج مشاهد من كاميرا ديجيتال مع مشاهد سينمائية غير مسبوقة من قبل فى السينما المصرية ولكن الادوات مطروحة امام الجميع والمبدع هو من يجيد اخراج منتجا جديدا من ادوات مستخدمة بالفعل .






فى الفيلم تكنيك جديد فى المكساج وهو فى رائى افاد مضمون الفيلم بشكل كبير سنتحدث عن هذه الافادة حين نتحدث عن طرح نصر الله وعبد الرحمن فى حديثنا عن المضمون



هذا التكنيك والذى لم أره من قبل فى السينما المصرية هو اسلوب تداخل الاصوات



ولنا هنا قفة صغيرة :






اولا مكساج الفيلم كان على اعلى وارقى مستوى فجميع الاصوات فى المشهد السينمائى كانت مطروحة امام المشاهد



مثال / صوت طقطقة نيران الشموع التى كانت تشعلها مارجريت فى حديثها للمشاهد



مثال / جميع الاصوات المصاحبة لحديث الشخصيات فى المشاهد الخارجية مثل خطوات الاقدام ، اغانى متداخلة .........الخ






ثانيا / ما فعله نصر الله بعد ذلك كان اجمل مما سبق اعلاه وهو انه جعل الصوت فى بعض لحظات الفيلم هو السيد بلا منازع وليس الرؤية البصرية والتى تتربع على عرش الاعمال السينمائية نظرا لطبيعة السينما من انها تخاطب العين اكثر من مخاطبتها للاذن









المثال الاتى سيوضح هذه النقطة / فى اول مشاهد الفيلم بعد اعلان اسمه على الشاشة



، مشهد لاحد الضباط وهو يطالب مجموعة من الشباب بأبراز بطاقاتهم الشخصية ، ثم تهمس البنت التى يصاحبها الشباب فى اذن الضابط فيعيد الضابط بطاقاتهم قائلا ( مش عاوز اشفكم هنا تانى ) ويأخذ البنت ويرحل امام دهشة الشباب ويصيح احدهم ( ده واخدها وماشى ، هاتفضلو واقفين تتفرجو) وتنتقل الكامير فى زوم متوسط على مدخل عمارة ( ليلى بكر ) وتخرج منها هند صبرى تتحدث للبواب واثناء ذلك يسمع المشاهد صياح نفس الشاب وهو يحدث اصدقائه قائلا ( انتو مش رجالة انا ماشى والله ماشى )



ماكان يحدث من قبل هو ان الاصوات تصاحب المشهد الذى يراه المشاهد والاصوات من شخصيات المشهد بأنفصال تام عن باق الجو العام .هنا وجب على المشاهد الا يعتمد اعتمادا كليا على ما يراه ولكن ايضا على ما يسمعه









مثال آخر لعله يكون اكثر توضيحا / فى مشهد تجول دكتور يوسف وصديقه - الذى لا اعلم اسمه الحقيقى - على الكورنيش يمران على سيارات بها شباب وشابات تنبعث منها اغانى ، الكاميرا تتحرك بمحاذاة الرصيف وهم يمشون فوقه ليقطع الصورة مشهد لاحد الشباب وهو يحاول ان يقبل فتاته فى الشارع ،وهنا يتوارى صوت دكتور يوسف وصديقه وحديثهما عن هبة عبد الحميد والفتاة التى حادثها الصديق فى التليفون ليظهر صوت الفتاة وصديقها وهى تقول ( لا باتكسف ) ويقول له الشاب ( لا ماهو لما الناس تبوس بعضها ف الشارع عادى يعنى مفيش حاجة ) كل هذا والكاميرا تسير بمحاذاة دكتور يوسف وصديقه ليعود الصوت ملكهما مرة اخرى عندما ينفردا بكادر الكاميرا ، تعود للتتداخل الاصوات كلما ظهر فى الكادر شخصيات اخرى غيرهما . هنا لم يعد شخصيات العمل السينمائى هم من يسيطرون على ما يسمعه وما يراه المشاهد فى قاعة السينما بل اصبحو مجرد مكون من مكونات مشهد اعم واكبر بكثير من مشهد محدود بكادر الكاميرا









طبعا المشهد السابق تم تصويره بكاميرا ديجيتال وهو ما اشار اليه نصر الله فى كلامه المقتطف اعلاه من ان هناك مشاهد تحتاج الى تركيز كبير من الممثلين و هو ما وضح فى توقيت حديث الفتاة وصاحبها وقت دخولهما فى كادر الكاميرا .




نأتى بعد ذلك للا ضاءة التى كانت جيدة فى جميع المشاهد الخارجية فأنت تشعر ان حقيقة الليل قائمة فى المشاهد الليلية بمعنى ان الاضاءة لم تكن مبالغ فيها بحيث تحيد عن طبيعية الاضاءة الليلية التى نراها فى الشوارع وايضا فى المشاهد الداخلية وخصوصا فى مشهد مخاطبة زكى ( باسم سمرة ) للمشاهد فى استديو التسجيل




ولكن اجل واوضح مظاهر الابداع فى الاضاءة كانت الاضاءة الليلية لجنينة الاسماك فى مشهد علوى يراها الدكتور يوسف بألوان مختلفة من الاحمر الى الاصفر والاخضر الى الظلمة هكذا ليؤكد نصر الله على رمزية جنينة الاسماك كمتاهة اسطورية لا تملك اولها او اخرها




دائما ما اعتبر المخرج الذى ينجح فى التصوير فى الشوارع الحقيقية دون ان يشعرنا بأصطناعية المشهد او بتحييد اجبارى لجمهور الشارع ، دائما ما اعتبر هذه النوعية من امهر المخرجين . لعل الابرز فى هذا الشأن مخرجى المفضل ( عاطف الطيب ) والذى اعتقد انه قد حجز مكانا عاليا فى هذه النقطة بالذات - التصوير فى الشارع الحقيقى - من الصعب ان يضاهيه احد فيها


الا ان نصر الله قد اظهر مهارة شديدة جدا فى التصوير الخارجى ووسط جمهور حقيقى فى احد مشاهد الفيلم وهو مشهدذهاب دكتور يوسف الى عيادته مرورا بشارع النجف بالقاهرة . انت لا تشعر تماما بأصطناعية المشهد وتشهد عيناك تداخلا فى الاصوات كلما مرت الكاميرا مع دكتور يوسف لتسمع حوارات متقطعة متباينة عن كساد السوق وان احد لا يشترى والكل يتفرج ويمشى وهكذا




ما اعجبنى فى هذا المشهد هو انسيابية الكاميرا فهى تتحرك لترصد يوسف ثم تفقده لترصد محلات النجف ثم تعود ليوسف مرة اخرى من زوايا جديدة نوعا ما فى انسيابية رائعة وبعدم تكلف ظاهر .


الا ان التكنيك الاكثر حداثة الذى استخدمه نصر الله فى فيلمه والذى شكل صدمة للجمهور االمصرى كان هو مواجهة بعض الممثلين للمشاهد بالحديث اما عن الشخصيتين الرئيستين ( ليلى ويوسف) او عن الشخصيات التى يقومون بأدائها .هنا كسر للاعتيادية المألوفة عن المشاهد ، والواقع اننى عندما شاهدت الفيلم اول مرة تذكرت خالد الذكر ورائد المسرح العربى ( سعد الله ونوس ) وحلمه الذى لم يتم كما اراد حينما حلم بكسر الشكل المسرحى المألوف واعتبار المشاهد او الجمهور عنصرا فعالا فى العمل المسرحى . كان نوس يحلم بمسرح يشارك فيه الجمهور على غرار ما حدث فى المسرح الاوربى وكانت مسرحية ( مغامرة رأس المملوك جابر ) والتى صممت لتناسب هذا التكنيك من حيث طبيعة الحكواتى والسرد الذى يستلزم انصاتا من الجمهور ومن خلاله يمكن ادخال الجمهور فى دائرة العمل المسرحى ولتكن البداية مثلا بجمهور من الممثلين ثم يبدا التدرج الى الجمهور العادى ..الى نهاية الفكرة التى طرحها ( ونوس ) ،

لا اريد استفيض فى هذه الفكرة ، ربما سيأتى الوقت فى تدوينة قادمة الا ان ما فعله نصر الله قريب الى حد ما مما اراد ان يفعله ونوس وهو ان يمنح المشاهد برهة من الوقت بأخراجه من السياق التمثيلى المجبر عليه ويبدأ الممثل فى طرح ما يظنه المشاهد هو وجهة نظره والتى من شأنها ان توضح اما تفاصيل حياتية عن الشخصيتين الرئيستين او الشخصية الى يقوم الممثل بأدائها واما ان توضح وبشكل مباشر جدا ما يريد ان يقوله المخرج او السيناريست من افكار . بالطبع التواصل مستحيل بين الجمهور الممثلين لطبيعة السينما التى تختلف عن المسرح من يعلم ربما ظهرت تقنية فى المستقبل القريب او البعيد تجعل هذا التواصل ممكنا فى السينما ايضا ، ولكن حدث تغير عن المعتاد سبب صدمة عنيفة علها هى السبب الاهم فى عدم نجاح الفيلم جماهيرا


جميع من تحدثوا للمشاهد هم شخصيات مصاحبة للشخصيتين الاساسيتين . لم يتحدث دكتور يوسف او ليلى بكر .

اجمل من قام بذلك هو ( سماح انور ) تعليقا عن دور مارجريت ، فى اعتقادى ان فترة الاربع او الخمس دقائق التى مثلت فيها سماح انور هذا المشهد يساوى ما مثلته فى تاريخها كله وكانت هى ومعها ( باسم سمرة ) تعليقا عن دور زكى الاقل برودة والاكثر انفعالية بل ان النص نفسه مختلف عن باقى من تحدثوا للجمهور


نعم كان هناك من هم دون مستوى سماح انور وباسم سمرة فى الاداء فى هذا الشق بالذات وغلف على اداءهم البرود منهم الممرضة سمية والتمرجى ومنهم من كان متزنا مثل صديقة ليلى بكر - لا اتذكر اسم الشخصيى الان - وكان هناك احمد الفيشاوى محدود الموهبة والذى يثبت اداءه عبقرية نصر الله كما اثبت اداء على الشريف محدود الموهبة عبقرية يوسف شاهين فى فيلم الارض ، وهذا يثبت ايضا ان المخرج الجيد هومن يجيد ادارة وتوجيه ممثليه



الاحد القادم ان كان فى العمر بقية سنتحدث عن المضمون والطرح والافكار التى اراد نصر الله ابرازها فى ثنايا مشاهد الفيلم محللين الشخصيتين الرئيستين فى سياقهما الدرامى وسنحدد سويا هل غلب الشكل والاسلوب على المضمون والطرح ام نصر الله نجح فى تحقيق توازنا بين الشقين ام لا ؟




















الثلاثاء، 13 أبريل 2010

الضوء المتفجر


لماذا خلق له هذا العقل ؟

يكاد ان ينفجر من فرط أعماله فى أمور يراها الناس عبثا وتفاهة ..........

يشعر أن عقله يعمل حتى فى ساعات نومه ....

فى عمله.... فى بيته .....حتى فى حمامه .......

فى كل مكان ، ومع أى أحد .



يسير متمايلاٌ تارة ، ومستقيماٌ تارة ....

لكن ما يحيره حقاٌ أنه لا يستشعر الفارق بين الاستقامة والتمايل .


العقلانى يعطيه دائما ما يهدىء سره ، وان كان لايملك جواباٌ على كل تساؤلاته .........

الصوفى دائماٌ ما يجيبه ، لا يوجد سؤال لم يعط له اجابة ...

لكن لايجد فى اطروحاته واجاباته سبيلاٌ للمنطق او العملية .



من بعيد يرى الضوء متفجراٌ الى نجمات لا تضيىء كثيراٌ من ظلماء روحه .......

كلما تتبع احداها ببصره ، رأى أخرى تسحب لجام عينيه ، و لايلبث حتى تأتى أخرى لتأسرهما ......

وهكذا الى اللامنتهى ...........................



كلما ألقى النردين ، ظهر له نفس الرقم فيهما ...

لماذا هذا الرقم بالذات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

جعل يلقيهما عل الارقام تتغير ، لكن بلا طائل ....

نفس الرقم على النردين ....

ما الصدفة ؟

وما الحظ ؟

وهل هناك من يتحكم فيهما ليجعل النتيجة تتكرر هذا التكرار السمج مع كل رمية ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!


الأغرب أنه حين رمى النردين أمام أحدهم تغير الرقم ..

فرح وهلل فى ذاته ، وظن أن الحال كما هو ، وما هى الا صدفة تكررت فى احتمالات لا تتجاوز الواحد فى المليون ، ولكنها حدثت ...

ظل يرمى النردين ،يحاول ان يتناسى ماحدث معه قبل قليل .......

وما أن اصبح وحيدا ، ألقاهما ، ليظهر نفس الرقم على النردين .........

ما احتمالات أن يعاود الرقم الظهور مرة اخرى بعد ان صار وحده ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!

ألقى النردين..نفس الرقم

ظل يلقيهما بمختلف الأوضاع ، وظل الرقم يصادر شاشة عينيه فى تحد عجيب .......

شعر ان الرقم كائن حى ينظر اليه فى صرامة وجبروت ،وفى رحمة وحنو ................

أمامه ظل الضوء يتفجر وظلت النجمات تتلألأ ، وظلت عيناه تحاول ان ترصد عبثا نجمة بعينها ..........

لكن بلا جدوى !!!!!!



أيام مرت عليه والنرد يأبى ان يتراجع عن الرقم .......

أجرى التجربة مراراٌ .......

ودائما النتيجة نفسها فى تحد سافر ووقح ..............

النرد يحطم كل ما يؤمن به بكل عناد وبرود ....

ودائما يتغير الرقم حين يكون مع أحدهم ......

طارده الرقم فى يقظته ونومه كنمر جائع يطارد عزال واهن ، كلما ظن أنه هارب ، سد عليه النمر فجوات الهرب حتى يمسك طريدته او تسقط تعبا .........

كل هذا والضوء أمامه يتفجر .....

ولكن مع مرور الوقت استحالت النجمات الى شيىء آخر .........

الى الرقم .......

استطاع ان يتبع احداها ليرى النجمة هى الرقم نفسه .......يتلألأ ويلمع بضوء فسفورى يكاد ان يشعر بدفء حرارته .

شعر ان الضوء يحتوى عذاباته وتساؤلاته وأوجاعه وهمومه ....

الرقم هو النجمات ،تتكاثر كلما رمى النردين فى يأس وقلة حيرة .....




ذهب الى العقلانى عله يريح عقله المنهك بتفسير عقلانى يرضيه ....

ضاقت حدقة عيناه فى تفكير عميق ...

عض على شفته السفلى

- لعل عقلك هو مايريد ان ترى هذا الرقم ...

- ولماذا ؟

- لا أدرى . ان العقل البشرى مازال لغزاٌ لنا حتى مع محاولاتنا لاستكشاف طرائق عمله ونظم تفكيره. لعله وهم يسيطر به عقلك على عيناك .

- أفهم ماتريد ان تقول ،ولكن لماذا يتكرر نفس الرقم مع كل رمية ؟


طلب منه أن يلقى النردين أمامه ............

ألقاهما .. رقمين آخريين ظهرا .........

طلب منه أن يعاود ألقاءهما حتى يظهر الرقم أمامه .....

الغريب أن الرقم أبى أن يظهر على احد النردين حتى بعد أن ألقاهما مئة مرة .....

طلب منه أن يزيد مئة أخرى ......

لم يحدث شيىء .... لم يظهر الرقم

ما احتمالات ألا يظهر الرقم على أحد النردين بعد مئتين مرة ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!



غادره فى تساؤلات اخذت تتشعب كغابة وارفة الأشجار ......

متاهة لا يجد فيها مناص او مهرب .......

وفوق الغابة ...فى سمائها ..... مازال الضوء يتفجر بالرقم الفسفورى الدافىء .
ذهب الى الصوفى .
دائماٌ ما يجيبه بأسلوب تقريرى خبرى وكأنه يملك الحقيقة المطلقة .....
أو يرد على تساؤله بآخر يزيده حيرة على حيرته..........
ابتسم حين قص عليه الأمر ....
- لماذا تبتسم يا شيخ ؟ لم أعهدك ساخراٌ .
- أنا اتعجب ليس الا .
- تتعجب ؟ ألا تصدقنى يا شيخ ؟
-بل أصدقك يا بنى .. أنما اتعجب من مبصر اعمى عقله عيناه ؛ فصدق عقله ولم يصدق عيناه ...
- ماذا تريد أن تقول يا شيخ ؟ ألا ترى أن العين قد يصيبها الخلل فترى ماهو غير واقع وحادث فلا ملاذ لنا سوى العقل واستدلالاته ..
- يابنى . ان ماتراه العين وما يراه العقل ، ليسا دائما هو الحق ، بل ما تراه البصيرة ....
- لا أفهم .
- ان وهم ادراك ما حولنا يرضى عقلك فقط وقد يرضى حواسك ،ولكن ليس بالضرورة يرضى بصيرتك .... البصيرة أمر آخر .
- مازالت لا أفهم .
- هل أنت الذى لا يريد ان يفهم ، ام عقلك المادى الذى يفسر كل امر بمنطق وعقلانية ؟؟
- لا أستطيع ان افصل عقلى عن ذاتى . هل تستطيع أنت ؟
- أنا العقل ،وأنا البصيرة يا بنى . أما أنت ، فعقلك غير بصيرتك .....
- والله لقد ازدادت حيرتى بعد مجيئى يا شيخ .....
- لماذا تتساءل عن التكرار ولم تتساءل عن المغزى ؟
- أى مغزى ؟؟؟؟؟
- مغزى الرقم ...
- وما مغزاه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ازدادت ابتسامته - اساءله .
- أسأل من ؟؟؟؟؟؟؟؟
- الرقم ........
تركه حائراٌ ............... دائمأ ما يتركه هكذا ........
لا تشفى ردوده جوع عقله ..........
ألقى النردين .... ظهر الرقم
حدق فيه
لماذا تظهر ؟
ماذا تريد ؟
ما سرك ؟ وماسر هذا الالحاح الملل ؟
ما مغزاك ؟ وما دلالاتك ؟
شعر أن دوامة من الضوء الفسفورى تكتنفه وتحيط بأنفاسه ......
سمع ترانيم تشبه ترانيم عيد الميلاد .................
لا يكاد يبين منها حرفأ
تنشق الضوء بعمق ..................
ملاء رئتيه بهواء طعمه غريب ، لم يشمه قبل هذا الوقت ...........
أمامه الرقم يزداد وضوحا وتجليا وأضاءة
اصبحت الترانيم مفهمومة الان ...........
تقول .................
أحد أحد
فرد صمد
عبد ندم
ورب عفا
وحيد جهنم