الثلاثاء، 13 أبريل 2010

الضوء المتفجر


لماذا خلق له هذا العقل ؟

يكاد ان ينفجر من فرط أعماله فى أمور يراها الناس عبثا وتفاهة ..........

يشعر أن عقله يعمل حتى فى ساعات نومه ....

فى عمله.... فى بيته .....حتى فى حمامه .......

فى كل مكان ، ومع أى أحد .



يسير متمايلاٌ تارة ، ومستقيماٌ تارة ....

لكن ما يحيره حقاٌ أنه لا يستشعر الفارق بين الاستقامة والتمايل .


العقلانى يعطيه دائما ما يهدىء سره ، وان كان لايملك جواباٌ على كل تساؤلاته .........

الصوفى دائماٌ ما يجيبه ، لا يوجد سؤال لم يعط له اجابة ...

لكن لايجد فى اطروحاته واجاباته سبيلاٌ للمنطق او العملية .



من بعيد يرى الضوء متفجراٌ الى نجمات لا تضيىء كثيراٌ من ظلماء روحه .......

كلما تتبع احداها ببصره ، رأى أخرى تسحب لجام عينيه ، و لايلبث حتى تأتى أخرى لتأسرهما ......

وهكذا الى اللامنتهى ...........................



كلما ألقى النردين ، ظهر له نفس الرقم فيهما ...

لماذا هذا الرقم بالذات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

جعل يلقيهما عل الارقام تتغير ، لكن بلا طائل ....

نفس الرقم على النردين ....

ما الصدفة ؟

وما الحظ ؟

وهل هناك من يتحكم فيهما ليجعل النتيجة تتكرر هذا التكرار السمج مع كل رمية ؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!


الأغرب أنه حين رمى النردين أمام أحدهم تغير الرقم ..

فرح وهلل فى ذاته ، وظن أن الحال كما هو ، وما هى الا صدفة تكررت فى احتمالات لا تتجاوز الواحد فى المليون ، ولكنها حدثت ...

ظل يرمى النردين ،يحاول ان يتناسى ماحدث معه قبل قليل .......

وما أن اصبح وحيدا ، ألقاهما ، ليظهر نفس الرقم على النردين .........

ما احتمالات أن يعاود الرقم الظهور مرة اخرى بعد ان صار وحده ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!

ألقى النردين..نفس الرقم

ظل يلقيهما بمختلف الأوضاع ، وظل الرقم يصادر شاشة عينيه فى تحد عجيب .......

شعر ان الرقم كائن حى ينظر اليه فى صرامة وجبروت ،وفى رحمة وحنو ................

أمامه ظل الضوء يتفجر وظلت النجمات تتلألأ ، وظلت عيناه تحاول ان ترصد عبثا نجمة بعينها ..........

لكن بلا جدوى !!!!!!



أيام مرت عليه والنرد يأبى ان يتراجع عن الرقم .......

أجرى التجربة مراراٌ .......

ودائما النتيجة نفسها فى تحد سافر ووقح ..............

النرد يحطم كل ما يؤمن به بكل عناد وبرود ....

ودائما يتغير الرقم حين يكون مع أحدهم ......

طارده الرقم فى يقظته ونومه كنمر جائع يطارد عزال واهن ، كلما ظن أنه هارب ، سد عليه النمر فجوات الهرب حتى يمسك طريدته او تسقط تعبا .........

كل هذا والضوء أمامه يتفجر .....

ولكن مع مرور الوقت استحالت النجمات الى شيىء آخر .........

الى الرقم .......

استطاع ان يتبع احداها ليرى النجمة هى الرقم نفسه .......يتلألأ ويلمع بضوء فسفورى يكاد ان يشعر بدفء حرارته .

شعر ان الضوء يحتوى عذاباته وتساؤلاته وأوجاعه وهمومه ....

الرقم هو النجمات ،تتكاثر كلما رمى النردين فى يأس وقلة حيرة .....




ذهب الى العقلانى عله يريح عقله المنهك بتفسير عقلانى يرضيه ....

ضاقت حدقة عيناه فى تفكير عميق ...

عض على شفته السفلى

- لعل عقلك هو مايريد ان ترى هذا الرقم ...

- ولماذا ؟

- لا أدرى . ان العقل البشرى مازال لغزاٌ لنا حتى مع محاولاتنا لاستكشاف طرائق عمله ونظم تفكيره. لعله وهم يسيطر به عقلك على عيناك .

- أفهم ماتريد ان تقول ،ولكن لماذا يتكرر نفس الرقم مع كل رمية ؟


طلب منه أن يلقى النردين أمامه ............

ألقاهما .. رقمين آخريين ظهرا .........

طلب منه أن يعاود ألقاءهما حتى يظهر الرقم أمامه .....

الغريب أن الرقم أبى أن يظهر على احد النردين حتى بعد أن ألقاهما مئة مرة .....

طلب منه أن يزيد مئة أخرى ......

لم يحدث شيىء .... لم يظهر الرقم

ما احتمالات ألا يظهر الرقم على أحد النردين بعد مئتين مرة ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!



غادره فى تساؤلات اخذت تتشعب كغابة وارفة الأشجار ......

متاهة لا يجد فيها مناص او مهرب .......

وفوق الغابة ...فى سمائها ..... مازال الضوء يتفجر بالرقم الفسفورى الدافىء .
ذهب الى الصوفى .
دائماٌ ما يجيبه بأسلوب تقريرى خبرى وكأنه يملك الحقيقة المطلقة .....
أو يرد على تساؤله بآخر يزيده حيرة على حيرته..........
ابتسم حين قص عليه الأمر ....
- لماذا تبتسم يا شيخ ؟ لم أعهدك ساخراٌ .
- أنا اتعجب ليس الا .
- تتعجب ؟ ألا تصدقنى يا شيخ ؟
-بل أصدقك يا بنى .. أنما اتعجب من مبصر اعمى عقله عيناه ؛ فصدق عقله ولم يصدق عيناه ...
- ماذا تريد أن تقول يا شيخ ؟ ألا ترى أن العين قد يصيبها الخلل فترى ماهو غير واقع وحادث فلا ملاذ لنا سوى العقل واستدلالاته ..
- يابنى . ان ماتراه العين وما يراه العقل ، ليسا دائما هو الحق ، بل ما تراه البصيرة ....
- لا أفهم .
- ان وهم ادراك ما حولنا يرضى عقلك فقط وقد يرضى حواسك ،ولكن ليس بالضرورة يرضى بصيرتك .... البصيرة أمر آخر .
- مازالت لا أفهم .
- هل أنت الذى لا يريد ان يفهم ، ام عقلك المادى الذى يفسر كل امر بمنطق وعقلانية ؟؟
- لا أستطيع ان افصل عقلى عن ذاتى . هل تستطيع أنت ؟
- أنا العقل ،وأنا البصيرة يا بنى . أما أنت ، فعقلك غير بصيرتك .....
- والله لقد ازدادت حيرتى بعد مجيئى يا شيخ .....
- لماذا تتساءل عن التكرار ولم تتساءل عن المغزى ؟
- أى مغزى ؟؟؟؟؟
- مغزى الرقم ...
- وما مغزاه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ازدادت ابتسامته - اساءله .
- أسأل من ؟؟؟؟؟؟؟؟
- الرقم ........
تركه حائراٌ ............... دائمأ ما يتركه هكذا ........
لا تشفى ردوده جوع عقله ..........
ألقى النردين .... ظهر الرقم
حدق فيه
لماذا تظهر ؟
ماذا تريد ؟
ما سرك ؟ وماسر هذا الالحاح الملل ؟
ما مغزاك ؟ وما دلالاتك ؟
شعر أن دوامة من الضوء الفسفورى تكتنفه وتحيط بأنفاسه ......
سمع ترانيم تشبه ترانيم عيد الميلاد .................
لا يكاد يبين منها حرفأ
تنشق الضوء بعمق ..................
ملاء رئتيه بهواء طعمه غريب ، لم يشمه قبل هذا الوقت ...........
أمامه الرقم يزداد وضوحا وتجليا وأضاءة
اصبحت الترانيم مفهمومة الان ...........
تقول .................
أحد أحد
فرد صمد
عبد ندم
ورب عفا
وحيد جهنم