الاثنين، 23 نوفمبر 2009

اسف يامصر ...........لكننا المخطئين

الى كل الغاضبين المغرر بهم من الجزائرين والمصريين البسطاء الشرفاء الذين اصبحت كرة القدم بالنسبة لهم الحلم الاكبر والمشروع القومى الاوحد للاسف بعد غياب وفشل ما كان يفترض ان يكون حلم ومشروعا قوميا يوحد شعويهم تجاه استبداد الحكومات .

الى هؤلاء فقط اكتب واتمنى منهم ان يمهلونى بعض الدقائق عل ما يقرأونه يساهم فى اراحة بالهم وتهدئة مشاعرهم

نعود سويا الى الوراء لاكثر من خمسين عاما , الى حقبتى الخمسينات والستينات من القرن الماضى حيث بزوغ اكثر من مشروع قومى وحد المصريين - واقول وحد العرب يوما ايضا - بدءأً من مشروع التحرر من الاستعمار الانجليزى على يد الانقلاب العسكرى فى عام 1952 ومروراً بمشروع تأميم القناة وبناء السد العالى و مقاومة اعتداء 1956 وحلم القومية العربية الذى تبناه المشروع الناصرى طيلة فترة الخمسينات والستينات . فى هذين العقدين التف المصريون وراء القيادة السياسية التى قدمت لهم هذه المشاريع ربما للاستهلاك المحلى وربما لأسباب أخرى لسنا فى صدد مناقشتها الأن , الا أننا نلحظ فى هذه الفترة حالة من التوحد والأتحاد والالتفاف حول هدف أسمى وأعظم قدمته هذه المشاريع والأحلام الوطنية والقومية على السواء . ثم جاءت فترة السبيعنات بما حملته من احباط الهزيمة وأحباط بعض المشاريع والأحلام الاخرى منها حلم الديموقراطية , الا أنه قدم للمصريين مشروع أخر وهو مشروع تحرير سيناء وتحقق الحلم والمشروع مثلما تحققت مشاريع سابقة التف حولها المصريين وعضدوها وساندوها وبات المصريون ينتظرون مشروعا اخرا يوحدهم ويمنحهم الثقة فى ساستهم كالعادة , ثم جاءت سبعينات وبدايات ثمانينات القرن الماضى بهدم ما كان مشروعا سابقا وحلماً مصريا خالصا فى المساواة بين فئات الشعب , وحدث ما اسموه انفتاحا وزادة الهوة بين الطبقات فأغتنى من اغتنى وازداد الكثيرون فقرا .

الى ان جاءت فترة حكم الرئيس مبارك وبحثوا عن حلم او مشروعا قوميا يمنح القيادة السياسة شرعية الاستمرار ويمنح المصريون دفء الحلم ونعمة التوحد حول هدف اسمى واغلى , وفشلت كل محاولاتهم فشلا زريعا امام قيم الانتهازية والمادية المفرطة , حتى هذا الشعب الطيب تغير فى داخله لم يعد بشوش الوجه كما كان , صار عابس الملامح مكتئبا ينتظر ان يمر يومه بسلام ولا شيىء غير ذلك . صار الحلم لدى الناس هو الحصول على قوت يومهم , ولا يرون فى الافق ضوءا جديدا يمنحهم ما كانوا يحصلون عليه مما سبق من مشاريع واحلام . قدم للمصريون مشروعا يسمى توشكى حمل حلم الاكتفاء الذاتى فى طياته وصدروه اعلاميا فى امخاخ المصريون حتى صدقوه , ثم اكتشف الناس انه كذبة من اكاذيبهم الاستهلاكية . والكثير من الاحلام والمشاريع تم تصديرها الى عقول المصريين وكانت النتيجة الوحيدة هى الاحباط والفشل

هذا الكم من الاحباط فى شتى المجالات جعل المصريون يبحثون عن اى مجال يفاخرون بالانجاز فيه ويتوحدون من اجل التفوق فيه وكانت اقرب هذه المجالات الى نفوسهم هو مجال الرياضة وبالاخص كرة القدم , وفطن الساسة الى ذلك وايقنوا انه عن طريق الاهتمام بهذا الشق فقط - اقصد كرة القدم - يستطيعون ان يصدرو حلم جديد ودائم الى اغلبية الشعب البسيط . بالنسبة للمصريين كان حلم التأهل لكأس العالم هو مشروع قومى وبالنسبة لهم كانت مباراتا المنتخب وسيلة لتحقيق هذا الحلم

الان نحن امام حالة فريدة قل ما نراها فى شعب من الشعوب وهو حالة من حالات الهروب النفسى الشعبى من احباطات الفشل الدائم الذى يغتال اى بارقة امل المصريين فى التقدم والتوحد حول هدف واحد غالى وثمين . اصبح الحلم والمشروع القومى مرهون بأقدام 11 لاعب يتلاعبون بآمال المصريين . اصبح الحلم والمشروع القومى ا لذى نغنى له اغانى مثل ( خلى السلاح صاحى ) هو التأهل لكأس العالم على حساب الجزائر . واصبحت الجزائر بالنسبة للمصريين المشحونيين اعلاميا - سنتحدث عن هذا لاحقا - هى الاخر العدو الذى وجب تدميره للحصول على بطاقة التأهل .

من هذه الزاوية فقط اكتب , لماذا اصبح حلمنا من التفاهة والعبط بحيث نربط وطنيتنا وقوميتنا بل واقول وجودنا ايضا بأقدام بعض اللاعبين الغير مسئولين ؟ الاجابة بسيطة بالطبع وهو اننا شعب من السهل جدا خداعه اعلاميا ومن السهل بالتالى ان تربط شيىء تافه مثل كرة القدم - مع احترامى لمحبى كرة القدم - بوجوده وهويته


قبل المباراة فى مصر بأكثر من شهر شحنوا الناس اعلاميا بشكل مكثف على شاشات القنوات الفضائية - ما يسمى الان اعلاما بديلا - وفى الصفحات الرياضية وفى منتديات الانترنت . هيئوا الشعب وجدانيا الى الفوز فى القاهرة ثم جاء التصعيد الاعلامى الخطير من الاعلام المصرى للاسف عبر اكثر البرامج الرياضية مشاهدة على قنوات دريم والحياة ومودرن سبورت , ثم ظهر انشقاق اعلامى خطير بين هذه القنوات ومقدمى برامجها الرياضية ., الاانه تم توحيد الصفوف على حد تعابيرتهم فى مواجهة ما يسمى بالارهاب الجزائرى , وكاد ان يتحول اتحاد القنوات الثلاث الى مواجهة الاعلام الحكومى عندما رفض وزير الاعلام ان يمنحهم حق بث المباراة الا ان فوز الفريق المصرى فى المباراة الاولى جعل الكل يتغاضى عن احتكار التلفزيون للمباراة وبيع البث لقناة الجزيرة

نعود الى المباراة الاولى فى القاهرة وما حدث فيها بعد ان تلاعب المنتخب المصرى بأعصاب ملايين المصريين طوال المباراة ليسجلوا الهدف الثانى فى الوقت الاضافى بعد ان احترقت اعصاب الناس وهو يرون ما اعتبروه مشروعا وحلم وطنيا التفوا من اجل تحقيقه ينهار امام اعينهم . فى المباراة ترى لافته لصورة الفتى الذى توفى بنزيف فى المخ من جراء انفلونزا الخنازير وعبارة ( نفسى اشوف مصر فى كاس العالم ) لاحظو معى مدى تدشين الاعلام لمفهوم الحلم لدى الناس , بل اننى اعتبر هذه العبارة اقوى دليل على ما اقول
الولد تمنى هذه الامنية وهو يلفظ انفاسه الاخيرة وتم تصدير هذه المشاعر - على الرغم من تفاهتها مع احترامى لمحبى كرة القدم مرة اخرى - الى عقول ووجدان الناس حتى صارت وفاة الفتى بشكلها الدرامى تلقى بظلالها على المباراة المرتقبه فى القاهرة . وقبل المباراة تحمل القنوات الفضائية والصفحات الرياضية خبر حرق العلم المصرى فى الجزائر وهو ما ساهم بشكل كبير جدا جدا فى شحن الجماهير ضد الجزائرين جمهورا ولاعبين , فقبل المباراة تلاحظ ان معلومة حرق العلم المصرى فى الجزائر فى افواه الناس كالعلكة . نعم كاد الفريق الجزائرى ان يطيح بالمشروع القومى المصرى - بالطبع لا اعتبره كذلك ولكن هكذا يشعر المصريون - لكن ربنا رأف بحال الناس

فى حادثة قذف الطوبة على اتوبيس البعثة الجزائرية فى القاهرة قبل المباراة اكد مندوب الفيفا المتواجد داخل الاتوبيس ان الطوبة جاءت من الخارج كما يقول الجزائريين
الا ان اجهزة المعمل الجنائى المصرى فى تقرير مبدئى اشارت الى ان الطوبة قذفت من الداخل ووصفت الصحف المصرية الامر بتمثيلية جزائرية ومحاولة لافساد المباراة

الان حاولو ا ان تعيدوا التفكير فى الامر مرة اخرى بعيدا عن الصخب الاعلامى الذى صاحب المباراة : من المفترض ان احد افراد البعثة الجزائرية حمل معه حجر كفيل بتحطيم نافذة الاتوبيس ومعه مندوب للفيفا فى نفس الاتوبيس وتواطأ معه كى يفبرك هذه القصة ضد المصريين ثم يظهر تسجيل صوتى بصوت جزائرى يقول ( ما ضربوكوش ما ضربوكوش ... فحولة فحولة ) ومع احترامى لحرفية يسرى فودة فان هذا االتسجيل الصوتى يثبت وجهة النظر الجزائرية , اذ انه من غير المعقول ان يكون مندوب الفيفا فى الاتوبيس مع البعثة الجزائرية ويتكلف الجزائريين عناء التمثيلية ثم يأتى احدهم ليهدم اساسها بهذا الشكل الغريب قائلا ( ما ضربوكوش ) وهو يعنى لم يصيبوكم , اعتقد ان الفكرة واضحة الان لنا وهو ان التسجيل الصوتى هو برهان على وجود اعتداء حدث للبعثة الجزائرية .
بعد المباراة فى مصر نقلت شاشات التلفاز مشهد لاحدى الفتيات الجزائريات وهى تلوح للجماهير المصرية بذراعها بأشارات نابية وهى وسط الجمهور الجزائرى بالطبع
وهو المشهد الذى جرح مشاعر الاخ احمد شوبير , شاهد عيان من الاستاد قال لى بالحرف الواحد ان الجمهور المصرى سب هذه الفتاة سبابا شديدا . السؤال هل من الممكن ان تلوح البنت بهذه الاشارات - بالطبع هى مخطئة عندما فعلت كذلك - لمجرد ان الفريق الجزائرى هزم فى المباراة فى حين ان شباب الجزائرين لم يفعلو مثلها ؟
مجرد تساؤل ليس الا ..
بعد المباراة ماذا حدث للفتاة خارج الاستاد عندما انتظر الجمهور المصرى هذه الفتاة والمجموعة المرافقة لها بعد ان شاهدها الجمهور على شاشة العرض الكبيرة فى الاستاد ؟ شاهدة عيان اخرى تأكد انها لم تخرج من الاستاد الا حوالى الساعة الرابعة بسبب هذه الفتاة وانها شاهدت جمهور مصريا يتوجه الى مجموعة الفتاة ويشتبك معهم بسببها مطلقين سبابا شديدا . بعد ذلك نشرت صور لنفس الفتاة على الصحف الجزائرية وقد تم خلع التى شيرت لها ورفعت رجليها على نحو غريب.

مدير امن الجيزة صرح بطريقة غير رسمية للبعض ان الجمهور المصري حطم اربعة اتوبيسات للجمهور الجزائرى فى مباراة مصر والجزائر الاولى





اذا حدث اعتداء ما ولم نكن ملائكة كما يوهمننا فى اجهزة الاعلام .


على الجانب الاخر وبدءا من المباراة الاولى تم شحن الجزائرين اعلاميا وبشكل غير مسبوق من قبل تجاه المباراة . صور الاعلام الجزائرى المباراة المقامة فى القاهرة وكانها مقامة فى تل ابيب وبعد المباراة حملت جريدة جزائرية صورا لقتلى جزائرين فى القاهرة وانباء عن وصول جثث اربعة عشر جزائرى واكفانهم من القاهرة بعد اعتداءات مصرية بالطبع تم فبركة هذه الاخبار فى اطار مؤامرة ثنائية من قبل وسائل اعلام البلدين حتى ان رئيس تحرير جريدة الشروق صرح ان الصور التى نشرتها الجريدة غير حقيقية , الا انها ساهمت فى فى شحن ال جزائرين ضد المصريين فى الجزائر , وحطم بلطجية الجزائر مكتب مصر للطيران ومقر شركة اوراسكوم واعتدوا على مصريين من شركة المقاولين العرب وهددو بقتل ابو تريكة على رسائل على الموبايل واعلن ابو تفليقة الجهاد فى السودان وامر بأرسال اما جنودا او مسجلين خطر على طائرات السلاح الجوى الجزائرى وتوعد الجزائرين بذبح المصريين ذبح النعاج فى السودان

صدقاً غالبية الجمهور المصرى لم يعلم بهذه التفاصيل وان الجمهور المصرى الذى ذهب الى السودان عانى الامرين ورأى الموت الاف المرات على يد بلطجية الجزائر , فكل شيىء قد تم التخطيط له من اللحظة الاولى بعد انتهاء مباراة القاهرة واحتل بلطجية الجزائر الخرطوم اما بتواجد جماهيرى ضخم واما بدعم مادى هائل بأيدى حكومية ولا شك فى ذلك .
نعم تم الاعتداد على الجمهور المصرى وهذا شيىء موثق ولكن السؤال هولماذا حدث هذا ؟

الجريمة كلها حدث فى المطبخ الرئاسى لكلا البلدين وكل يحاول ان يستغل هذا الهرج والمرج والالتفاف الشعبى حول قصة المباراة ليزايد وليحصل على شعبية اكبر

السيد علاء مبارك اعطى اشارة البدء فى وصلة الردح الاعلامى التى شاهدنها ونشاهدها الان , لينطبق عليه المثل القائل ( سكت دهرا وقال كفرا) . فى سابقة من نوعها ولاول مرة فى حياته يتحدث علاء مبارك فى برنامج تلفزيونى ليسمع الجمهور المصرى صوته منوها انه لم يغادر السودان قبل ان يطمئن على جمهور المصريين ممن شاهدوا المباراة معه ومعترضا على ما حدث من ارهاب للمصريين فى السودان وليعلنها صراحة انه قد آن الاوان كى يستعيد المصرى كرامته المهدرة فى الخارج , ولان المكالمة الاولى حققت شعبية كبيرة جدا له وكانت على قناة دريم امام الغندور , اعاد السيد علاء مبارك الكرة مرة اخرى فى برنامج البيت بيتك على التلفزيون الرسمى كى تكتسح شعبيته شعبية اخوه وابوه فى آن واحد وكى يطالب المصريين الان السيد علاء مبارك ان يترشح فى انتخابات الرئاسة القادمة كما قرأنا اليوم فى المصرى اليوم , واكاد اجزم ان علاء مبارك سيكون له تواجدا سياسيا فى ا لفترة المقبلة وقد يحدث ما اعتقده ويسحب البساط من تحت اقدام اخيه


نعم امتهن الجمهور الجزائرى كرامة الجمهور المصرى فى السودان ولا ادافع عن هؤلاء ممن نفذوا مؤامرة القيادة الجزائرية التى اجزم بتورطها على اعلى مستوى لها , ولكن لا يجب ان ننسى اننا من اخطأنا حين جعلنا المباراة فى مصر حياة او موت , حين جعلناها مشروع وحلم قومى غنينا من اجله الاغانى الوطنية , واننا لم نكن من الشفافية والامانة ان نواجه اخطاءنا حين اعتدى الجمهور المصرى على الجزائرين فى القاهرة وحين صمت الاعلام المصرى فى استخفاف ولم يصارح الجمهور بهذا واعمى اعينه عن ذلك الامر ولم يكذب خبر الجثث الجزائرية فى الوقت الناسب وبالاسلوب المناسب علما ان اعلامنا اقوى كثيرا واكثر حرية من الاعلام الجزائرى

ولاول مرة نشهد مثل هذا التوحد والاتحاد حول امر ما من زمن غير قصير , وبعد المباراة اصبح المسئولين المصريين والجزائرين على السواء ابطالا فى نظر شعبيهم فكى تصير بطلا فى اللجزائر , اشتم مصريا او اضربه او اقتله , وكى تصير بطلا فى مصر اردح للجزائر وقل عنهم انهم بلد المليون لقيط كما سمح الاعلام البديل بمثل هذه الالفاظ ولا تكتفى بذلك فقط لكن ةاعمل عقلك فى اقتراحات لتأديب الجزائر وشعبها , فبهذا فقط ستصير بطلا محبا لبلدك مصر

كلمة اخيرة .... سيأتى يوما قريبا كان او بعيدا سنندم فيه على ما يقال فى فترة اعتبرها فترة انعدام وزن فى نفسية المصريين فالكل يهرب من حقيقة واضحة وهى اننا لم نلعب بشكل جيد فى السودان وان الفريق الجزائرى نجح ان يوقفنا فى ملعبنا اغلب فترات المباراة وان الفريق المصرى كان يلعب ويحضر الكرة امام مرمى الحضرى لانه لم يستطع ان يخترق ملعب الفريق الجزائرى
هذا التهليل هو حيلة دفاعية لعدم تصديق ان الفريق الذى حمل مشروع المصريين القومى لم يستحق اصلا ان يهزم فريق يقال انه اضعف منا بمراحل كثيرة