الأحد، 25 يناير 2009

قول يا مصرى

منذ فترة قرأت تدوينة للعزيز الكسندريان ( ياسر ) صاحب مدونةAway of Alexandria بعنوان ( اعتذر منكم ), بتاريخ الاحد 24/8/2008 ,وعادة عندما اقرأ اتمهل كثيرا محاولا ربط ما قرأت بواقع تاريخى عن الشخصية ثم بواقع انى او حالى وهو ما فعلته بعد مرورى بهذه التدوينة . والواقع ايضا ان تدوينات ( ياسر ) ومنذ فترة تشغل تفكيرى ربما لانها تمثل اليسارية الغير قابلة للتحالف مع ايا ممن يخالفون دوجمائيتها وهو الامر الذى يستحق التفكير والتمعن فى كتابات شخصيات يسارية مثل العزيز ( ياسر ) .
وعلى الرغم من الصدمة التى احدثتها هذه المدونة وحالة الاستغراب التى تجسدت فى اكثر من 40 تعليق بدون رد صاحب المدونة , وفى دسامة التعليقات ايضا , الا اننى واحتراما لذاتى اولا ولما قرأت اثرت التمهل وعدم التعليق خصوصا فيما يخص ما كتبه عن الشاعر ( احمد فؤاد نجم ) تحت عنوان لفقرة من التدوينة باسم (حكاية البلياتشو والكتاكيت ) .
ولان خبرتى فى مجال البلوجات تعادل خبرة القارىء فى مجال الصواريخ فلا استطيع ان اضع رابطا للتدوينة , ولكن تستطيعون الوصول للمدونة ككل عن طريق كتابتكم فى جوجل awayofalexandria بدون فراغات كما كتبتها والبحث فى الصفحة الاولى من نتيجة البحث .ولانى لم احصل على تصريح من صاحب المدونة باقتباس اجزاء من فقرته (حكاية البلياتشو والكتاكيت ) أجد لازاما على ان ألخص ما جاء فيها كمدخل لهذه التدوينة .
يقول صاحب التدوينة ما معناه ان خيرما انتجته الحركة اليسارية فى فترة الستينات والسبعينات هم ما يسميهم بالانتهازين الزائفين وعلى رأسهم (نجم ) ودلل على ذلك بعلاقته مع رفيقه ( الشيخ امام ) الذى اكتشف حقيقته ولو متأخرا , ثم دلل على تحالف ما بين الفاجومى و ساويرس الملياردير الشهير .
وهذه العلاقة الاخيرة هى محور تدوينتى .
بادىء ذى بدء لا استطيع ان انكر ان رصيد الفاجومى الشعرى يكاد يكون الاكثر تأثيرا على جيلى , ولا استطيع ان انكر شاعرية الرجل وبراعته فى اختيار الفاظ وصور طالما حازت على اعجابى وعبرت بشكل دقيق ثورية الحركة اليسارية فى مصر فى فترة الستينات والسبعينات . ولكن ما لفت نظرى اكثر هو التوصيف الرائع الذى اعطاه ( ياسر ) ل ( نجم ) وهو البلياتشو بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانى مثل السخرية والسطحية والقدرة على لفت الانتباه وايضا شيىء من الانتهازية وعدم الاتزان .

عندما بدأت عملى كمدرس احتضننى احد امهر المعلمين ممن قابلت فى حياتى وقال لى بالحرف ( المدرس الناجح هو اراجوز بالمعنى النفسى للكلمة وليس بالمعنى المادى لها ) يقصد هنا القدرة على لفت وجذب الانتباه طيلة الوقت للطلاب عبر اساليب واتعابير والفاظ تخطف العين والعقل وتدخل الطالب فى معمعة الدرس دون ان يفتر او يمل . وعندما تمعنت فى لفظة البلياتشو وجدت تشابها شديدا بين البلياتشو والاراجوز من حيث القدرة على التسلية وجذب الانتباه . ولا اعنى هنا جانب السطحية والابتذال .

وهذا هو نجم قبل ان يغير جلده ولونه وطعمه , اراجوزا يأثرك بتلقائيته الفظيعة وعفويته الفطرية , فتستمع له وكأنك تأكل قطعة بسبوسة لاتقوى على انهائها لمجرد التفكير فى انها ستنتهى بعد هذه القطعة الاخير . المهم كان هذا نجم مع الشيخ ( امام ) حالة فريدة من لمس الواقع الحياتى للناس باختياره لكلمات شديدة الواقعية وصور تستلهم منها الكثير .
الا ان الامر تغير بعد ذلك بالنسبة للمتلقى فذهب تأثير الاراجوز النفسى ومكث عندنا تأثيره العبثى والسطحى فقل الزاد ونضب المعين لدى ( نجم ) وحاول استغلال رصيده لدى الناس كبطل شعبى مستغلا صورة دأب على تجسيدها فى اذهاننا , صورة المغضوب عليه امنيا , ولكن هذا لم يجدى جدوه فلجأ للاعلام محاولا استعادة ما كان من صيت فظهر على شاشة قناة Dream TV لفترة وايضا لم تجدى الى ان كان ظهوره على شاشة قناة ساويرس ( ON TV) فى برنامج( قول يا مصرى) .

فى البرنامج نلمس شخصية الاراجوز بأقصى معانيها بعدما انسحبت منها ثقلها او ما كان ثقلها يوما ما . ونلمس ايضا محاولات سخيفة للتأكيد على الهوية الثقافية المصرية بطريقة اشد ابتذالاوسطحية من حيث الطرح والمعالجة . وكأن الهوية الثقافية المصرية تنحصر فى فرقة حسب الله والغوازى والاراجوز وهى بعض من المواضيع التى طرحت فى البرنامج على سبيل المثال لا الحصر . وفى البرنامج يصبح الفاجومى هو المصرى الذى يقول ويستمع له العالمين فيتحفنا بقصيدة مثل قصيدة ( البتاع ) المشهورة بما فيها من ايحاءات والمعنى بالطبع فى فشة الشاعر او بحكاية ثورية من حكاياته والتى ترمى الى معنى واحد وهو ( انا مفيش زايى)ناهيك عن عدم افتقار لابسط مقومات المحاور التلفزيونى من حيث صلابة الاعداد وثقله الثقافى ومن حيث حضور الذهن وعفوية السؤال وشمولية الطرح .
ثم بماذا نفسر هذا التضامن الغريب بين شاعر يدعى اليسارية والثورية وبين ملياردير , وكأنه تزواج بين نملة وديناصور , زواج مستحيل بالطبع يشوبه الكثير .لماذا يتم اختزال شخصية المصرى بكل دسامتها وثقافاتها المتعددة فى هذه الشخصية الاراجوزية , وكأنما نجم هو مثال للمصرى الصميم . وماذا تعنى عبارة قول يا مصرى سوى ذلك .


وياعم نجم التقل صنعة .

هناك تعليقان (2):

قبل الطوفان يقول...

أتفق معك تماماً في حكاية "النجم" أحمد فؤاد نجم

للأسف، هناك من يعتقد أن التاريخ معروض للبيع، وأن أموال المليارديرات تغطي عورة أفعاله

ِوحيد جهنم يقول...

شكرا على مرورك عزيزى ياسر بست وتحياتى لك