السبت، 2 أغسطس 2008

رواية - الجزء الثانى -

يوم اسود اذا ما صعد الى الاتوبيس ووجد مكانه المعتاد شاغلا . يوم اسود بمعنى الكلمة . سيكون عليه ان يقاوم التأرجح طيلة الرحلة , سيكون عليه ان يوازن بين عكازه ويده الاخرى فى التشبث فى ما يثبته ويجعله واقفا بشكل مرضى بدون وقوع او ارتطام فى جدران الغول الداخلية . يأبى ان يجلس فى المقعد المخصص للمعاقيين . كم تألمه هذه الكلمة ويجدها ابغض من كلمة كافر زنديق . عادة من يجلس فى هذه المقعد يفقد بصره حتى تظن انه لا يرى احدا واقف امامه يستجدى عطفه ويناشده بقيم الالم والمعاناة ان هذا حقى وانت سلبته منى . حسن يأبى ان يضع نفسه فى هذا الموقف المهين ونظرات الناس كثيرا ما تطالبه بالمطالبة بحقه الا انه وبسبب هذه المطالبه يأبى ان يأخذ حقه . فى وقت ما وحتى يخفف من حدة الموقف كان يفلسف الامر مدعيا ان هذا الكرسى ليس حق له وان الامر مرجعه الا الاسبقية ليس الا . والحق ان كثيرا ما كان من يجلس مكانه يخلى له المقعد وحسن يتمنع تمنع الجارية الشبقة على سيدها. وتنتهى معاناة الفتى حين تلوح محطته .





يصل حسن الى المصلحة الحكومية الاول دائما , يجلس منتظرا فى صبر حتى يعود له الفراش بالطعام . اه كم يمل هذا الطعام . لقد فقد احساسه بهذا الطعام منذ زمن بعيد فقط يأكل وفى كل مرة يقول لنفسه ( لابد من تغيير الصنف ) وفى كل مرة لايخبر الفراش بهذا النية فى التغيير .

ها هى وصلت من ينتظرها . ياالله ..... هل هناك امرأة فى هذا العالم تمتلك هذه القدرة على تحريك غرائزه كتلك المرأة. تجلس عايدة غير ابهه بنظراته الجوعى لها . يتأمل طرف الخط الاسود بين نهديها . يتخيلها بقميص نوم احمر وصدرها الابيض ملجم به كى لا يحتل العالم .لطالما تساءل حسن عن لون حلماتها وكثيرا ماكان يقاوم عضوه الانفلات خارج بنطاله صارخا بتمرده على كل الاعراف والقيمحين تأتى وتتحدث معه فى شأن من شئون العمل . عايدة هى القاسم المشترك الاكبر فى احلام حسن النهارية .من اجلها يتعارك ويناضل ويتفاخر . فقط هى ولا احد سواها . لا يعلم ان كانت قد قرأت نظراته منذ زمن ام لا .لكنه كثيرا ما يجدها تنظر اليه وعلى وجهها شبح ابتسامة لم يستطع يوما ان يترجمها لصالحه . كان يشعر انها تستهزىء به فى نفسها . واحيانا كان يشعر انها تتعمد ان تمشى امامه وتتمايل تمايل القطة فى موسم نكاحها .حين يراها حسن كذلك لا يملك الا ان يقارن بين هذاالخصر المتماسك المتناسق وبين ما يراه فى بيته من جسد مترهل هلامى الابعاد . ووصل به الامر انه حين يجامع امرأته كان يغلق عينيه ويعمل عقله الثرى بالتخيلات والاحلام فيتخيل عايدة بكل تفاصيلها التى نسجها عقله . وكثيرا ما كان يفوق من ذلك حين تلتف رجلى زوجته حول وسطه وتكاد تقصم ظهره بعضلاتها الاسطورية.
لاينكر حسن ان عايدة هى احد اهم الاسباب فى استمراره فى عمله حتى هذه اللحظة .وهى ايضا احد الاسباب فى عدم اعلان عقله الافلاس واعلان الجنون الصريح امام الناس بلا موراة او ادعاء غير ذلك.وحتى احلامه الجنسية مع عايدة كانت تتم على النحو الذى يريده فهو عنتر ابن شداد فى الجماع. وفى هذه الاحلام يمارس حسن كل ما يخطر فى باله من اوضاع جنسية يعجز عن ممارستها فى ارض الواقع مع زوجته الضخمة.
يعلم ان عايدة لا يمكن يوما ان تأتى اليه او تستجيب لنظراته لكنها تستجيب فى احلامه وهذا يكفى .ومن فرط ادمانه الحلم بها اصبحت عايده هى مثال الانوثة عند حسن فكل امرأة واى امرأة لابد وان تقارن بعايدة ودائما المقارنة فى صالحها.ينتهى دوام عمله بلا عمل يذكر .وتبدا معاناة رحلة العودة .

نفس المعاناة تتكرر , نفس ما يدور فى خلده فى رحلة الذهاب هو مايدور فى خلده فى رحلة العودة , تشابه التجارب والاحاسيس المصاحبة لها جعله ينسجم معها فى ألفة ورقى , الا ان هذا لم يخفف من حدة المه تجاه ما يراه من الاغيار , ان حسن مازال يتألم وفى كل مرة يخوض فيها تجربة تشعره بأختلافه عنهم كان الألم يطبع فى وجهه علامة فيزداد وجهه تخشبا وتزداد روحه حساسية وتلبد فى ان واحد. ويهرب من ذاك كله بأحلامه الجميلة المستحيلة الممتعة . ويعود الى منزله مرهقا تعبا تتقافز نبضات قلبه وتتسارع حتى يهدأ.

فى البيت هناء , وهناء من اولئك النساء اللائى لا يشعرن المرء بأى شيىء يخرج من المنظومة . حالة فريدة من البشر فقط هى تعيش ولا تعلم كيف ا ولماذا ا ومتى , لايعنيها سوء شيئان فى هذه الدنيا و الطعام والجنس .

حين راها اول مرة كان هناء ذات شكل ادمى معقول , ممتلئة لكنها ممشوقه , ملامحها تحمل شيئا من الوسامة ولكن نظراتها جامدة دوما لا تعبر عن اى شيىء فى حالات الغضب او النشوة او الفرح او اى انفعال بشرى تجد نفس النظرة مرسومة علي وجهها , هذه النظرة الاقرب لنظرات مدمنى المخدرات المحترفين , بين النوم واليقظة وبطىء ردة الفعل , ذهب مع امه كى يراها اول المرة وظن انه قد رفض من جراء هذه النظرة الا ان ظنه قد خاب بمجرد قدومه الى البيت بعد الزيارة , فقد جاء الرد بالموافقة سريعا جدا وكأن اهلها كانو ينتظروننا منذ امد بعيد.دامت خطوبته ثلاث اشهر مرت كبرق البصر , كان عريسا لقطة فى نظر اهل هناء , مقتدر ماديا وجاهز ولا يعيب الرجل سوى جيبه كما يقولون , اصر حسن ان تكون ليلة الزفاف بسيطة ليست كم اعتاده رجال ونساء عائلته, كان يكره ان يكون محطا لانظار الاغيار حتى من عائلته , لو كان عليه لالغى هذه الليلة من اساسها, ومن المرات النادرة التى وافقته فيها امه فى مايريد بعد جدال مرير معها , لعلها رأت نظرة الاستعطاف والتذلل فى عينيه لتمرير هذه الليلة كما يحب , حاول اكثر من مرة ان يتذكر كيف كانت هناء فى هذه الليلة الا انه فشل وكأن هذه التفاصيل قد محيت من عقله بممحاة . الا ان ما يتذكره من هذه التجربة المريرة انه ظل اسبوعا يحاول ان يفض بكارة هناء بطريقه انسانية , اسبوعا كاملا يحاول ان يستكشف خبايا هذا الجسد العنيف القوى , كانت هناء تتمتع بقوة اسطورية فى نظره , لها رجلين يحسدها عليهما مايك تايسون بطل الملاكمة العالمى , استلزم منه الامر وقتا طويلا حتى ينجح فى احداث انفراجه بينهما تسمح بوضع جسده الضئيل بينهم , وحينما فعل كان لديه مهمة اكبر فى فى استكشاف مغارة على بابا وسبر اغوارها , الا انه نجح فى النهاية وشعر انه انجز المهمة الاصعب فى حياته . بعد ذلك كان الامر سهل ولكن غير ممتع فكثيرا ماكان حسن يفقتد الاثارة فى تجربته الجنسية مع هناء , كانا يلتقيا بشكل روتينى ووقتما يرى حسن ذلك , وكثيرا ما كان يرى هناء تفتقر الى ابسط مقومات المرأة ومع مرور الوقت كان الامر بينها كساحة حرب ملىء بالجثث والغربان ووصلا بينهما الا حالة سلام ضمنى فكلاهما لايقوا على الحرب.



هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

رغم ان الرواية يغلب عليها الطابع الفلسفى والتحليلى الا ان هذا الجزء ينم عن وجود روح ساخرة كوميدية في شخصيتك خصوصا في التشبيهات الواردة في هناء ولو تم تصوير الرواية كفيلم سينمائى سيكون هذا الجزء من اكثر المشاهد المثيرة للضحك

ِوحيد جهنم يقول...

انت ترى الاحداث من خلال عين حسن لاتنسى ذلك , ربما كانت هناء غير من تم توصيفه فى الرواية ولكن رفض المختلف للاخر يجعله يصور الاخرين بأشياء دونية غير ما قد تكون فى الواقع , وهناك امر اخر يا عزيزى وهو انه لا يجب ان ننسى ان التشوه فى الشخصية لا يجعل الحكم على الاشياء حكما جادا وواقعيا
مشكور عزيزى سما على مرورك الكريم