الاثنين، 4 أغسطس 2008

رواية - الجزء السادس

الرغبة دائما ما تتملكه فى ان يراها دوما , عندما اشترى حسن الشقة كان يرنو الى ان يشعر بها بقربه فقط , كل ما اراده حسن هو القرب من عايدة , وكان على اتم استعداد ان يفعل اى شيىء يقربه منها دون ان تشعر انه يتطفل عليها ,المه كثيرا فكرة انها قد تشعر بهذاالتطفل , هو عاش حياته كلها على هامش الاحداث وفى الظل ولم يمارس العيش فى قلبها , كان الاغيارهم من يقررون ويفكرون وكل ما على حسن هو ان يسير مع القطيع لا يشذ عنهم, فبشذوذه هذا قد يلفت الانظار اليه , وحسن يتألم ان نظر اليه احد . الامر بعيد عن المبالغة , نعم هو يتألم ان كان محط الانظار , دائما ما شكل اختلافه عن الاخرين حاجزا فى التواصل بينه وبينهم بل لن ندعى ان قلنا ان هذا الحاجز كان بين حسن ونفسه, اذا ما نظر اليه احد ظل يتساءل طيلة يومه هل يعتبر هذا اعاقته شيئا خياليا ام ان الامر لا يستحق ذلك كله, ولذلك كان يحيا فى الظل او فى الهامش , ولذلك كان يأبى ان يشعر به احد , او يلفت نظر احدهم اليه , فهو فى غنى عن معاناة رغب عنها سنوات طوال من جراء نظرات الشفقة غير المسئولة له , وكثيرا ما كان حسن يتألم حين يقابل معاق اخر فى الطريق او فى اى مكان , والمه هنا لا ينصب على المعاق الاخر ولكن ينصب على الحقيقة التى يفيق عليها والتى يحاول جاهدا ان يتناسها , انه معاق فى اول الامر واخره , حتى وان حاول ان يهرب منها فى احلامه المنتبهة طيلة اليوم , دائما ما يصحوا من حلمه على كابوس الواقع المرير , الا وانه مختلف . ربما كان ذهابه بالاتوبيس يوميا الى المصلحة نتيجة فى رغبته فى عدم الاختلاف عن الاغيار . او رغبته فى عدم احداث هوة اوسع فى بحر الاختلافات بينه وبين الاغيار , حسن ابدا لم يكن متطفلا على احد وابدا لم يكن مثيرا لاهتمام احد , وهو وصل مع نفسه الى حالة سوية من الرضى بهذا الوضع , وعندما اقترب من عايدة لم يكن يفكر فى اقتحام حياتها او اثارة انتباهها له , كل الامر هو يريد ان يراها , هل هذا مطلب عسير على الاغيار او عسير على عايدة نفسها ؟ , الان امتلك وسيلة قد تجعله قريبا منها والان حسن لايشعر بأى شخص اخر فى هذه الدنيا سواها , حتى هناء سقطت من ذاكرته بعنف ومولوده القادم لا يشكل لديه ادنى رابط لحياته القديمة , القادم فقط مع عايدة , لن يذهب الى بيته بعد الان وسيظل هنا فى تلك الشقة يرقبها ويشعر بها ويحسها بكامل جوانحه


يسمعها من شباك المنور , لها صوت عذب فريد , يطرب لنغماته , شباك الحمامان متقابلان , يختلس النظر عبر نافذته , لا يريد ان تشعر به , يريد ان يشعرها ان لا احد يسكن فى الشقة المقابلة لها , بطن طرف عكازه بقطعة قماش كى لا تسمع رنين عكازه فى ذهابه وايابه , كان يسير حافى القدم كى لا تسمع وقع خفيه على الارض , وارب باب نافذته واظلم حمامه بشكل دائم كى تشعر بالامان , ساعات طوال قضاها فى الحمام يتلصص ويجوب بعينيه فى حمامها , وكثيرا ما كان يجده مغلقا بالايام فلا ييأس الفتى ولا يكل , فى منتصف الليل كان يصحو لمجرد ان قد تكون على مشارف الحمام , تعرف على اسرتها كلها و امها واخويها الصغيرين , الا انه لم يستطع ان يحدول تحركاتها بشكل ثابت ابدا , دائما ما تفاجئه بغيابها المتكرر وكثيرا ما يشعر ان الشقة خاوية على عروشها لانها لم تكن فيها , ليالى طوال قضاها حسن فى رحاب عايدة والحق انه كان يستمتع بكل لحظة يقضيها فى البيت مراقبا لها , وكثيرا ما كان يسهر فيفوته ميعاد العمل فلا يذهب اليه , لم يكن كذلك من قبل , الا انه الان سعيدا ومبتهجا , الغريب ان حسن فى هذه الفترة كان يأكل كثيرا , وكأن قربه بعايدة قد فتح شهيته التى اغلقتها معاناته مع الاغيار عبر سنون عمره , انه يأكل ويستمتع بالطعام , لاول مرة يشعر ان حاسة التذوق عنده مازالت تعمل وبكفاءة,رأها ذات مرة ترتدى روبا كثيفا وتستعد لاخذ حمامها , ظلت دقائق تضع اشياء فى الحمام وتذهب وتعود وهو متابع لها شغفا , نظرت الى النافذة وهمت بأغلاقها وللعجب لم تنغلق بشكل كامل , ومن فرجة ضئيلة شاهد نصفهاالعلوى وجسدها الابيض , ونكح حسن يده, والحق ان نكاح يده الذ وامتع من نكاح هناء و وكأنه فى الجنة , وكأن الزمن توقف عند هذه اللحظات .



بعدها لا يدرى لماذا تذكر هناء , هل يشعر لحنين لها ؟ غريب هذا الشعور , لم يشعر


حسن بحنين لاحد من قبل , الواقع ان الحنين يعنى الارتباط والانتماء , وحسن لم يكن يوما منتميا لاحد غير نفسه , بل حتى نفسه لا يستطيع ان يبرهن على انتمائه لها , كم ظل فى هذه الشقة ؟ اه خمسة اشهر او ربما يزيد , لم يذكر فى مرة من المرات ان عارضته هناء فى شيىء, كانت دائما مطيعة له , وعلى الرغم من انعدام التواصل بينهم فيما عدا التواصل الغريزى الا انه لم يجدها من هواة الشجار او العكننة . وكثيرا ما كان يلمح فيها تلك الطيبة النادرة التى تراها فى اعين الماعز , تسير مع القطيع ولكن بلا تفكير تماما مثل حسن ,

فى مرة من المرات كان يجلس على كرسيه المفضل فى البيت وفى يده محفظته , سقطت منه امامه وحاول ان يتناولها ولكن لم يستطع , فما كان من هناء ان ناولته المحفظة , اسقطتها عن عمد مرة اخرى فجاءت وناولته اياها , ومرة ثالثة عن عمد يسقطها , وتأتى هناء وتناوله اياه , غريبة تلك الانسانة , وكأنها مبرمجة على راحته وكأن تكرار الفعل اكثر من مرة لم يعنى لها اى شيىء , ولم يكن لها حافز لتشغيل عقلهاالبائس فى مغزى ما حدث , حين يقارن جسدها وجسد عايدة يجد اختلافا كبيرا , لعله الاهتمام بمزايا الجسد , فعايدة تشعرك انها تتكلم بجسدها اكثر من لسانها دائما ما تجعلك تستمع الى خطاب قادم من صدرها واخر قادم من اعينها واخر قادم من اردافها واخر قادم من شفتيها , وتتعارض الخطابات مع بعضها البعض فلا تستطيع ان تسمع هذا او ذاك فقط تسكت , اما هناء فالجسد الاخرص لا يتكلم حتى مظاهر الجال الجنسى عندها لا تتحدث , يشعر بحنين لهناء وطعامها , سيذهب اليها غدا , اما الان فعايدة تستحوذ على ساحةالحرب

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

غريبة تلك الانسانة , وكأنها مبرمجة على راحته وكأن تكرار الفعل اكثر من مرة لم يعنى لها اى شيىء , ولم يكن لها حافز لتشغيل عقلهاالبائس فى مغزى ما حدث , هذا ما كان حسن يريد أن يقنع نفسه به ولكن الحقيقة أنها كانت تعامله كمختلف وتتحمله لظروفه الخاصة ولكنه يأبى أن يواجه نفسه بهذه الحقيقة .
هل هذا ما تقصده عندما قلت أن هناء مكتوبة من وجهة نظر حسن .

ِوحيد جهنم يقول...

بالضبط عزيزى سما هذا هو ما قصدته . ان تشوه الجسد ينسحب على تشوه الروح ويزداد الامر سوءا فينسحب على رؤية المختلف للاخرين فيصيرو مسوخا حتى وان عملو على راحة المختلف