الاثنين، 4 أغسطس 2008

روايه الجزء السابع

قضى ليلته فى طقوسه الشاذة المعتادة , فى الصباح ذهب الى عمله وعاد الى منزله القديم , لم يرد ان يراه احد يدخل البيت , اخذ حماما ثم غادر الى بيت اهل هناء , على بعد خطوات من منزله , فتحت له امها الباب , نظرت اليه فى استغراب وكأنها تشاهد رجل فضاء يسير ببذته الفضية وسط الناس ,
" السلام عليكم "
" وعليكم السلام , لماذا تذكرتنا ؟"
" اين هناء ؟ "
" تفضل بالداخل "
خطى داخل البيت, نفس رائحة البخور القميئة التى استنشقها اول مرة جاء فيها يطلبها هو وامه , لا يدرى هل حقا يرى الناس فى رائحة البخور عطرا , دائما ما تخنقه هذه الروائح الترابية , جال بنظره فى ارجاء المكان لم يجدها تصول وتجول كعادتها حين تكون فى اى مكان ,
" اين زوجتى ؟"
" زوجتك !! عجبا كنت اظنك نسيت انها زوجتك "
" اين هى؟ اجيبينى "
" مريضة , فى الفراش "
" مريضة !!!! منذ متى ؟"
" منذ امد طويل , حملها صعب جدا وصحتها فى النازل "
" اريد ان اراها "
" تعال معى , تفضل فى هذه الغرفة "
دخل حسن الغرفة , رأها مسجية , طريحة الفراش , ياالله .... كل هذه القوة ترقد لاحول لها ولا قوة , كانت هناء ترقد فى سلام ولاول مرة لا يسمع لها شخيرا , وجهها ذبل من المرض , لم يشعر بشفقة عليها , قاسى القلب هذا الفتى , لماذا لا يتحرك قلبه لهذا المنظر ؟ هل هاتان العينان نزع منهما البصر والبصيرة ؟ تعاقب الالم على المرء يجعل القلب كالحجر الصوان , لا يشعر ولا يحس بالاخرين , وانسان مثل حسن عاركته الالام مررا , حتى صار ت روحه لا تعى معنى الالم ولا كنهه,بطنها كبيرة من اثر الحمل , لا يدرى هل يتمنى موتها حقا . هى لم تفعل فيه شيئا , لا يذكر مرة انها اهانته عن عمد بل كانت تحيا فقط كالدابة الاليف ليس لها رأى او صوت , نظر مطولا اليها , ثم غادر وسط دهشة امها , فيما اتى وفيما ذهب لا يدرى ,




عاد الى ماكان عليه من قبل وكأن ما كان يظنه حنينا الى هناء كان شيئا خرافيا , لا واقع له . سمع صوت عايدة قريبا , انصت للصوت , تتحدث فى التليفون , لماذا تتحدث فى المطبخ ؟ , صوتها منخفض ليس كعادتها ولكن قربها من النافذة جعله يلتقط بعض الكلمات ,
" حسنا غدا فى السابعة تماما , "
اغلقت السماعة واختفت فى باطن شقتها , ستقابله غدا فى السابعة , اجتاحته نفس الحالة من التوتر حينما رأه فى المصلحة يحادثها , اين ستقابله ؟ اللعنة على القلق , هل تحبه ؟ هل يحبها ؟ ماذا سيفعلان ؟ قضى ليلته ساهرا طوال الليل , حتى احلامه هربت منه , لم يستطع ان يصوغ احداها كعادته من شدة توتره , الى هذا الحد يريدها , ذهب لعمله بعينين منتفختين حمراوتين من جراء ليلته النابغية الماضية , ظل ينظر لها طيلة الوقت , اليوم تبدو اكثر مرحا وبهجة , تتحرك كثيرا كالطاووس فى خيلائه , تتضاحك مع الناس , لا ليست هذه عادتها , اليوم مختلف عن اى يوم اخر , اليوم ستقابل فتاها , والله وحده اعلم بما سيحدث بينهما , ظل شارد الذهن طوال اليوم , اتخذ قرار ه فى لحظة .





فى السادسة نزل من شقته واوقف تاكسيا بالقرب من العمارة , لوح للسائق بمائتين جنية كى ينتظر ما شاء , نزلت فى السادسة والنصف واوقفت تاكسيا وانطلقت , تبعها حسن , لا تفلتها عيناه , الحق انه لم يسمع او يرى الا التاكسى الذى يقلها الى مجهول لا يعلمه , وصلت الى عمارة ونزلت ودخلتها واثقة وكأنها من سكانها , تبعها حسن الى الداخل , جاهد ان يكون سريعا كى يلمح رقم الطابق فى المصعد , لمحه بالكاد , رقم سبعة , اذا الوغد يسكن فى هذا الطابق , فى لحظة اتخذ قراره ايضا وصعد الى نفس الطابق , ما هذا التوتر الذى يكتنفه ؟ قلبه تتسارع دقاته على نحو مذهل , ماذا يريد ان يثبت لنفسه ؟ بالتأكيد لن تكون عيادة دكتور , انتظر قليلا , امامه اربع شقق اي منها دخلتها عايدة , لن يستطع ان يطرق على كل الابواب , اقترب من احداها , انصت قليلا , لم يسمع شيئا , باب اخر , لم يسمع ايضا , والثالث ثم الرابع كذلك , جاءته فكرة , صعد فى الطابق الذى يليه وانتظر على السلم , لينتظر , صوت انفتاح باب , مال بجسده ونظر , رجل عجوز , ليست هى , لينتظر , يكره الانتظار , ربما اخطأ فى الطابق , ربما صعدت على السلم واحد غيرها صعد الى الطابق السابع , ظل عقله يعمل على نفس الوتيرة حتى كاد ان يجن , صوت باب اخر , مال بجسده ونظر , ليست هى , ساعة ونصف او يزيد مرت عليه , من فرط اجهاده وتعبه جلس على درج السلم , ربما اخطأ , فلينزل الان , هم بالقيام , صوت باب , مال بجسده ونظر , راها هذه المرة , تقف على عتب الباب وبجوارها رجل , لم يكن هو نفس الشخص الذى رأه فى المصلحة , هذا اصلع وضخم الجسد , كان مرتديا ملابسه الداخلية , احتضنها وقبلها , نزلت عايدة واغلق الرجل الباب وظل حسن دقائق معدودة واقفا مكانه , وجهه الان يكاد يقطر دما من الاحمرار , عيناه تتثاقلان , تماسك حتى وصل الى المصعد وهبط , لم يستطع ان يفكر فى الامر طويلا , كل ما كان يريده فى هذه اللحظة هو ان يصل الى شقته , الله اعلم بما يدور فى خبايا نفسه , وهذا البركان يتصاعد كلما تذكر المشهد , الله اعلم


جلس على مقعد فى شقته , اغمض عيناه , نام , او هكذا ظن , عندما افاق وجد الجيران حوله وباب شقته مفتوحا على مصرعيه , كل شيىءمحطم , الاثاث , الستائر , الاطباق , حتى عكازه كان محطما ,
" لا اله الا الله "
" اهدىء يا بنى "
الحمد لله على هذا "
" ماذا حدث لكل هذا "
عبارات سمعها ولا يعلم عنها سبب , هناك تقف عايدة مع امها وباقى الجيران , نظر اليها ودمعت عيناه , دمعت عيناه كما دمعت فى مرة سابقة عندما خرج من المسجد ولم يصلى , اكتشف ان يده مجروحه , هل هذا دمه ؟
" دعونا نضمد الجرح , ولينصرف كل الى شقته "
استسلم لمن يضمد جرحه , لم ينبس ببنت شفة
" لقد كسرنا الباب عندما سمعنا الجلبة , وجدناك قد حطمت كل شيىء "
" اريد البواب لو تسمح "
جاءالبواب واعطاه حسن نقود لصنع قفل للشقة
" هل ستغادر يا استاذ ؟"
" نعم "
" اريد عكازا من اية صيدليه كبرى الان "
" حاضر "

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

العين ترى ما تريد أن تراه , وضحت هذه الفكرة تماما في هذا الجزء , ربما لم تكن عايدة كما رآها حسن , لقد عرفنا في الجزء الخامس أنها مدام وتعيش مع امها وأخويها فأين أبيها وأين زوجها , ومن الممكن أن تكون كما رآها ومن ثم فالسؤال هنا كيف نثق في أحكامنا على الأخر مع الاخذ في الاعتبار اننا جميعا نعانى تشوهات كثيرة " وإن كانت غير ظاهرة " وهذه التشوهات بطبيعة الحال تتدخل بشكل أو بآخر في أحكامنا كما تتداخل مشاعرنا تجاه الشخص الذي نحكم عليه سواء بالسلب او الايجاب ؟ انها وبحق مشكلة معضلة

ِوحيد جهنم يقول...

مرة اخرى عزيزى سما انت تفهم تماما مغزى القصة حسن هو الذى يرى وحسن لم يهتم بهذه التفاصيل عن ظروف الاخرين , كما انك يا صديقى وضعت يدك على نقطة هامة جدا وهى انه مهما بلغت قوة واتساع رؤيتنا للاخر فسيزال حكمنا عليهم حكم نسبى غير مطلق لانستطيع ان نعتبره مرجعية لتعاملاتنا تجاههم . اذ كان النسبى هو السائد فستكون جميع احكامنا متغيرة لا نفهمها الا اذا فهمنا ظروف الفعل وردة الفعل وايضا سيكون الفهم نسبى غير مطلق